الحالة الصحية للمصريين فى 2012
صحة المصريين فى عام 2012، هى الموضوع الأهم خلال العام حيث أظهرت التقارير الدولية ارتفاع نسب الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية باكتساح، يليها السرطان وأمراض الجهاز التنفسى والسكر. وحتى مزاجهم النفسى ازداد سوءا فحوالى 60% من سكان العاصمة بعد الثورة يعانون من الضغط النفسى و50% على استعداد لتلقى تأهيل نفسى خاصة النساء، وسط شعور عام بالحيرة والارتباك وقلة الشعور بالأمان مع زيادة معدلات الجريمة.
ومن أكثر الظواهر اللافتة للانتباه، هم الحشاشون الصغار والذين كشفتهم مركز السموم بجامعة عين شمس، بعدما أكدت الإحصائيات ان ثلث حالات التسمم بالحشيش كانت بين الأطفال دون الثانية عشر، والغريب هو التغير الكبير فى نوعية المواد التى يدمن عليها الأطفال والمراهقون بعدما أتجهوا للحشيش والحبوب المخدرة كالترامادول كبديلا عن المواد الصمغية والطيارة الكلة وكأنها أصبحت موضة قديمة.
تحذير آخر تصدر العام من العنف وربما القتل ضد الاطفال الذى يبدأ منذ ساعات حياتهم الاولي، إما بإصابة فى الرأس أو الخنق أو تسديد الطعنات، وهو ما كشفته سجلات قتل الاطفال الرضع وحديثى الولادة الواردة إلى مصلحة الطب الشرعى بوزارة العدل، أما الجانى فكانت الأم هى المتهم الاول واحيانا الجدة. ووفقا للدراسة التى قدمتها الدكتورة دينا شكرى استاذ الطب الشرعى والسموم بطب جامعة القاهرة فان العنف الأسرى موجود فى المجتمع على اختلاف مستوياته، حيث سجلت غالبية حالات قتل الاطفال بين فئات المجتمع المتعلمة والاكثر رفاهية بنسبة 54%. وتصدر ضعف الوازع الدينى والقيم الأخلاقية لدى الامهات أهم الاسباب وراء ارتكاب جريمتهن حيث كان العدد الاكبر من الحالات لأطفال لقطاء مجهولى النسب، كذلك شكل كل من تعاطى المخدرات أو الفقر دورا فى ارتكاب هذه الجرائم. أما هجمات الأمراض المعدية التى شهدها عام 2012 بدءا من الحصبة الألمانية وانتهاء بالسل، فهى فى نطاق السيطرة كما يراها الدكتور أسامة رسلان مدير نائب رئيس الاتحاد الدولى لمكافحة العدوى ورئيس الجمعية المصرية لمكافحة العدوي. مؤكدا أننا نحقق نتائج متقدمة فى معركة المكافحة حيث تم الإعلان عن القضاء نهائيا على مرض شلل الاطفال ومن قبله الملاريا وعلى أعتاب القضاء على الحصبة. وبنظرة أوسع للواقع الصحي، فبالتأكيد عام 2012 هو الأكثر ارهاقا لكاهل الأطباء والمرضي، فالمستوى متدن فى المستشفيات والأدوية الحيوية غير متوافرة، والطبيب يعانى هو الآخر تدنى الأجر وعدم تحقيقه مطالبه. وهو ما جعل طرفى المعادلة الصحية يقعان فى صدام، أغلب حالاته ليست بلطجة وإنما طلبا لرعاية وتعامل أفضل مع المريض.
والسبب كما يراه الدكتور علاء غنام مدير برنامج الحق فى الصحة بالمبادرة المصرية، هو النسبة المتدنية للإنفاق الصحى الحكومى الذى لم يتجاوز نسبة 5% من جملة الإنفاق العام للموازنة الحكومية وهى نفس النسبة الثابتة منذ سنوات رغم تزايد عدد السكان. وفى المقابل يزداد إنفاق المواطنين من جيوبهم على العيادات والمستشفيات الخاصة والدواء، يضاف لذلك ضعف كفاءة توزيع الخدمة الصحية إذا أخذنا فى الاعتبار
ان 57% من المصريين هم من سكانى قرى الأرياف المهمشة والاكثر احتياجا. ويعتبر مؤشر الإنفاق على الصحة هو الأكثر تعبيرا عن قدرة النظام الصحي، وقياسا على ذلك فان لم يكن النظام لدينا غائبا فهو بالتأكيد مفككا وغير كفأ، وسيظل الامر دون بارقة أمل طالما لم يضاعف الإنفاق الصحى ليبلغ 10% من الإنفاق الحكومى بجانب زيادة دخول جميع افراد الطاقم الصحى بشكل عاجل.
ولعل أهم ما يميز 2012 هو تغير قيادات الصحة ومعها تتغير الاتجاهات والخطط الموضوعة وهو ما يخلق حالة من الارتباك فى اخذ القرارات وينعكس على تدنى جودة الخدمة وفقد الثقة بين الجهاز الصحى والمواطنين. وعلى الجانب الآخر يعتبر اصدار قانونى التأمين الصحى للأطفال دون سنة المدرسة والمرأة المعلية خطوة على الطريق الصحيح، وكل الخوف يأتى من عدم التفعيل الحقيقى لهذه القوانين وضمان استمراريتها.
http://digital.ahram.org.eg/Community.aspx?Serial=1145080