آن الأوان لمشروع قومي لصناعة الدواء المصري
تتوالي أزمات نقص واختفاء بعض الاصناف الدوائية من الاسواق, ليفتح ملف ضبط سوق الدواء المصري ما بين شك المواطن من البدائل المطروحة.
غش الدواء وتهريبه وضرورة وجود هيئة مستقلة لتنظيم شئون الدواء ومراقبة الضوابط المنظمة له. أزمات الدواء طرحناها علي الدكتور ماجد أبوغربية عميد الابحاث بكلية الصيدلة في جامعة تمبل الأمريكية ومدير مركز مولدر لأبحاث استكشاف وصناعة الدواء ـ وأكد في حواره لـ لأهرام ـ أنه آن الأوان للنظر الي قضية تصنيع الدواء المصري بوصفه مشروعا قوميا, فلا شيء يساوي شعب يتمتع بصحة وقادر علي الانتاج. وإلي نص الحوار
ما تقييمكم لملف الدواء في مصر؟
ـ في الحقيقة لا يوجد في مصر والوطن العربي عموما صناعة الأدوية التي تقوم علي أسس علمية مثل دول أوروبا والولايات المتحدة, وإنما كل ما يصنع هو أدوية بديلة تغطي الاستهلاك المحلي وتصدر للدول المجاورة, دون رؤية لانتاج ادوية قائمة علي الابحاث بما يتواءم مع احتياجات المواطنين من علاجات للأمراض المنتشرة, وهي نقطة قد تضيف لمصر اذا اخذت زمام المبادرة بالتركيز علي تصنيع ادوية لعلاج الالتهاب الكبدي الوبائي بنوعه الرابع او التهاب الكلي وغيرها من امراض المنطقة والتي لا تركز عليها شركات الدواء العالمية.
وماذا يقف أمام صناعة الدواء في مصر؟
ـ من المؤكد أن صناعة الدواء من أكثر الصناعات صعوبة وتكلفة, واهم التحديات هو الاعتقاد السائد بإنها طويلة المدي ومكلفة لذلك يلجأ المستثمرون لصناعة الدواء البديل أو المثيل وأحيانا تساهم عوامل اخري منها غياب المصانع المطابقة للمواصفات العالمية واشتراطات المؤسسة الفيدرالية للغذاء والدواء بامريكاFDA وايضا ضرورة أن تخضع معامل الدواء والمصانع للتفتيش الدوري من هذه المؤسسات الدولية للحصول علي التراخيص المعتمدة.
وماذا عن الأدوية البديلة منخفضة السعر, هل هناك اختلاف في تأثيرها أو فعاليتها العلاجية كما يروج؟
ـ الأدوية البديلة المنتشرة في جميع دول العالم, وفي امريكا8 من أصل10 روشتات تصرف ادوية بديلة وهذا لأن الطبيب والمريض واثقان في فعاليتها ومامونيتها كما أن سعرها منخفض عن الادوية نظيرتها الاصلية وهذه الأدوية قبل طرحها بالأسواق يتم تقييمها بمراكز التسجيل الدوائي لضمان أن لها نفس فعالية الدواء الاصلي وحتي نطمئن الي كفاءتها البيولوجية ويتم ذلك بتحاليل المادة الفعالية ومن المفترض أن تجري في معامل محددة ومعتمدة من إدارة الدواء في البلد ويجدر الاشارة الي أنه لا يوجد في المنطقة العربية معمل تحليل معتمد من الهيئة الفيدراليةFDA غير معمل واحد في الأردن.
ولكن المريض المصري لا يثق في الدواء المحلي ويطلب المستورد لأنه أكثر فعالية, فبما تفسر ذلك؟
ـ كما ذكرت الدواء البديل فعال مثل المستورد, ولكن بالطبع المريض المصري تعرض لتجارب سيئة السمعة مع الأدوية البديلة سواء أكانت المستوردة أم المحلية والتي تكون مخالفة للمواصفات الدولية أو منتهية الصلاحية أو مغشوشة وهو ما أدي الي فقد الثقة, ولكن يجب أن لا نغفل الجهود المبذولة من قبل وزارة الصحة وهيئة الرقابة الدوائية لمنع هذه المخالفات وسحب الأدوية غير الفعالة وان كنت أري ضرورة نشر مثل هذه التحركات بالصحف من أجل استعادة ثقة المواطن المفقودة.
يشهد المجتمع المصري في الفترة الأخيرة ظاهرة نقص واختفاء بعض الأدوية الاساسية, فهل تتكرر هذه الأزمة في باقية البلاد, وفي رأيكم ما هي الأسباب؟
هي ظاهرة عالمية تتكرر في مصر وغيرها من الدول, ولقد اثيرت هذه القضية في أمريكا منذ عدة أشهر قليلة ماضية دفعت الرئيس اوباما للحديث بشأنها في اعقاب نقص قرابة200 صنف دوائي, ولكن اسباب نقص الدواء في مصر تختلف عن غيرها من الدول الأوربية, فنجد المستشفيات في الخارج تعاني من نقص المضادات الحيوية وادوية التخدير والعلاج الكيماوي للسرطان, وهو ما يرجع لعجز الموزعين وايضا اغلاق بعض المصانع غير المطابقة من قبل هيئات الرقابة لمنع تلوث الدواء المطروح.
وكيف تعالج؟
ـ هنا لابد أن نتحدث عن الحلقة المفقودة وهي التركيز علي زيادة الانتاج المحلي من الدواء طبقا للمعايير الدولية المعترفة بها من حيث الفعالية والمأمونية فعلي سبيل المثال أزمة نقص ادوية السكر كالانسولين التي تواجه مصر في السنوات الماضية والتي أدت لارتفاع سعره الي ثلاثة اضعاف في السوق السوداء نجد الوزارة تتصدي له بتوزيع الانسولين علي المستشفيات وعلي المرضي وهو تصرف محمود ولكنه غير كاف لمواجهة هذه الظاهرة طالما لا يوجد انتاج محلي يبلي احتياجات المواطنين, كما تتضمن الحلول ايضا زيادة المستورد خصوصا الأنواع المطلوبة بإلحاح في السوق المصرية.
وكيف ننهض بالتعليم الصيدلي في ظل افتتاح جامعات جديدة خاصة؟
يجب ان تحصل كليات الصيدلة بمصر علي الإجازة والتقييم الدولي من المؤسسات المعترفة بها في هذا المجال كهيئةACPE الأمريكية, ويتم هذا التقييم بناء علي عدة معايير محددة كالمقررات المدروسة وعدد الطلاب وعدد الاساتذة ومعامل الكلية ومستوي الابحاث التي يجريها الاساتذة وما إلي ذلك وهي خطوات في اعتقادي لو طبقت لأدت الي النهوض بشكل كبير من مستوي الخريج
وماذا لديكم في ضوء البرامج المشتركة والاتفاقيات التي ترعاها سيادتكم بالتعاون مع الجامعات من الجانب المصري والأمريكي؟
في السنوات الأخيرة نجحنا في ابرام اتفاقيات وبرامج مشتركة مع وزارة الصحة لتدريب العاملين في قطاع الدواء علي سياسات الدواء وقوانين تسجيل الدواء وفقا للمؤسسة الأمريكية للدواءFDA بهدف التطوير والارتقاء بصناعة الدواء وحماية المستهلك فضلا عن اتفاقيات ومنح للتبادل العلمي بين الأساتذة والطلبة في جامعة تمبل وعدد من الجامعات المصرية ومدينة أبحاث العلوم والتكنولوجيا التطبيقية ببرج العرب علي علوم وبرامج مجال الصيدلية الاكلينيكية وبحوث الدواء.
ماهو حجم الاستثمارات الفعلية في سوق الدواء المصرية؟
يعد الشرق الأوسط من أكبر منتجين الدواء نتيجة تزايد الاستثمارات وفي الواقع تغطي مصر مايعادل30% من الاحتياجات الدوائية بالشرق الاوسط وخلال الثلاث سنوات الاخيرة زادت ميزانية انتاج الدواء في مصر بمتوسط3.2 ـ5مليار دولار, ومتوقع وصوله الي4 مليارات بحلول عام2014 واستنادا الي تقارير واحصائيات وزارة الاستثمار هناك76 مشروعا لانشاء مصانع ادوية جديدة بجانب تطوير اخري قائمة بالفعل.
وفي نظركم هل تكفي هذه الميزانية؟
بالطبع ميزانية اكتشاف وتطوير الدواء تكلف الشركات العالمية مبالغ باهظة
وكيف تري المخرج؟
دعيني اؤكد انه آن الأوان في النظر لأبحاث الدواء علي انها مشروع قومي ينبغي تدعيمه وتطويره حتي يتم اكتشاف وتطوير أدوية تعالج أمراضنا المنتشرة ويمكن توفير التمويل بتخصيص نسبة ولو بسيطة2% من تسعيرة الأدوية لهذا المشروع ولذلك لابد من البدء في إنشاء مراكز لأبحاث الدواء واقترح أن تمول ميزانيتها من القطاع الخاص وليس عن طريق الحكومة حيث تستفيد شركات القطاع الخاص وشركات المستثمرين من العائد الهائل من هذه الأبحاث وأقصدهنا البدء في تدعيم الجامعات والمعاهد البحثية علما بأن معظم ابحاث الدواء في مراحله الأولي تتم في المعاهد البحثية وهو مايعني أيضا توفير فرص للتدريب لشباب الجامعات في اثناء دراستهم حتي يتأهلوا الي البحث بعد تخرجهم.
إنشاء هيئة مستقلة للدواء في مصر, هو امل طال انتظاره كيف تراها؟
هو أمل سيتحقق قريبا بإذن الله, بإنشاء أول هيئة مصرية مستقلة للدواء تحت اسمEDA وتكون غير تابعة لوزارة الصحة بل لرئيس الوزراء مباشرة علي غرار هيئة الغذاء والدواء بالولايات المتحدة الأمريكية التي يعين رئيسها من قبل الرئيس الأمريكي, ومن مهمتها وضع ضوابط لضمان أمان وفعالية الأدوية التي ستطرح بالأسواق المصرية, وكذلك الضوابط المنظمة لتسجيل الأدوية والرقابة عليها تصنيفا وإنتاجا وتسويقا, علي أن يكون لهذه الهيئة ميزانية تمويل خاصة, وهي المبادرة التي سبق أن طرحها نقيب الصيادلة الدكتور محمد عبدالجواد واستجاب لها الزملاء من رؤساء شركات الأدوية وعمداء كليات الصيدلة والعاملن بقطاع الدواء.
ماإسهاماتك المتوقعة في مدينة زويل؟
لقد أسست مركز أبحاث الدواء بجامعة تمبل وأنا مستعد أن أكرر التجربة في مصر, وهي الرغبة التي أبديتها في أثناء عدة مقابلات مع الدكتور زويل سئلت خلالها عن مساعدة المدينة في مجال أبحاث الدواء ضمن خطتها في إنشاء معاهد للأبحاث, وفي عام2011 أرسلت للدكتور زويل تصورا كاملا لمعهد أبحاث البيولوجية الطبية والذي سمي بعد ذلك بمعهد حلمي للأبحاث الطبية, ويضم هذا المشروع أربعة مراكز بحثية تضم مركز أبحاث الدواء والجينوم وأبحاث الفيروسات ومركز الترجمة الطبية.
http://www.ahram.org.eg/NewsQ/136147.aspx