تحذيرات من انخفاض منسوب مياه النيل خلال السنوات القادمة



في قضايا التغيرات المناخية لايقتصر الأمر علي علوم تغير المناخ والطاقة وقضايا المياه والزراعة فحسب‏,‏ بل تظل الكلمة الأولي والأخيرة للسياسة والاقتصاد وتوجهاتهما العالمية‏.
وهو ما حدث في مؤتمر الأمم المتحدة الثامن عشر للتغير المناخي بالدوحة. وبعد13 يوما من المفاوضات الكثيفة والمتوترة أحيانا, تم الاتفاق علي تمديد بروتوكول كيوتو لفترة التزام ثانية بوصفه الاتفاق الوحيد القائم والملزم بخفض غازات الاحتباس الحراري والتلوث البيئي. وأملا أن تكون هذه الآلية همزة الوصل بين بروتوكول كيوتو ونص تشريعي دولي جديد يتم إقراره مبدئيا بعد ثلاث سنوات ويدخل حيز التنفيذ عام.2020 يضاف إلي ذلك تم اختيار كوريا مقرا لصندوق المناخ الأخضر علي أن يبدأ نشاطه في مجال تقديم التكنولوجيا والتمويل للدول النامية في النصف الثاني من عام.2013 وتعتبر أهم مشكلة واجهها المؤتمر خلال نصفه الثاني من المفاوضات هي تمويل المشاريع الرامية إلي التكيف مع تبعات التغير المناخي علي البلاد النامية وخاصة الفقيرة والأكثر تضررا.
تغيرات المناخ.. كارثة في الوطن العربي
وبعيدا عن السياسة, يمثل الدخول في مناقشات المناخ بمثابة دخول عالم بحد ذاته, فالاصوات تنادي بانقاذ البشرية من الهلاك, وليس ذلك علي سبيل التخويف والمبالغة. ومنها تقرير أعده معهد بوتسدام لبحوث آثار المناخ والتحليلات المناخية, محذرا من حال الكرة الأرضية إذا ما ارتفعت درجة حرارتها4 درجات مئوية. فحتما سيكون عالما يختلف أشد الاختلاف عن اليوم, بموجات حر لم يسبق لها مثيل, وتفاقم ملموس في شح المياه في حين تزداد المناطق المطيرة مطرا وفيضانات كبري تغرق مدنا. بجانب خسائر لا سبيل إلي تعويضها في التنوع البيولوجي وأهمها الشعاب المرجانية. هذه السيناريوهات المفزعة, نحن علي موعد معها بحلول نهاية هذا القرن2100 كما يكاد يجمع العلماء, ومن الممكن أن تأتي مبكرا في موعدا لايتجاوز ستينيات القرن الحالي خاصة بسب مايشهده العالم في الآونة الأخيرة من سلسلة ظواهر مناخية متطرفة.
وبالنسبة للدول العربية فقد بدأ بالفعل العد التنازلي تأثرها بتغيرات المناخ السلبية, فهناك50 مليون شخص في العالم العربي قد تأثروا خلال العقود الثلاثة الماضية جراء ظواهر مناخية متطرفة.
يأتي ذلك وسط تحذيرات من كوارث وشيكة إذ استمرت توجهات تغير المناخ علي ماهي عليه, فمن المتوقع أن ترتفع درجات الحرارة بحلول نهاية هذا القرن بين ثلاث وأربع درجات مئوية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والقرن الأفريقي. مما يعني أن سكان هذه المناطق سيعيشون بانتظام في درجات حرارة تتراوح بين54 و55 درجة مئوية. ولذلك ربما يتوجب علينا بناء ثلاجات للعيش فيها هربا من ارتفاع درجات الحرارة وليس هذا علي سبيل الدعابة كما قالت راشيل كيت نائب مدير التنمية المستدامة في البنك الدولي خلال المؤتمر الصحفي لمناقشة التقرير حيث ستصبح موجات الحرارة الشديدة هي الصيف الجديد المعتاد, وسيكون شهر يوليو هو الأقسي في شدة حراراته, وفي المقابل يتوقع أن تكون شهور السنة الأشد برودة أكثر دفئ. ويتوقع ان تكون أحواض الأنهار التي تغلب عليها الأمطار الموسمية الغزيرة كنهري الجانج والنيل هما الاكثر تعرضا لحدوث تغيرات في موسمية جريان المياه بانخفاض يقارب10% سنويا.
تهديدات السكان والزراعة والصحة
وربما يصبح الحديث أكثر سخونة عند التعرض لنصيب مصر من التغيرات المناخية, واولها ارتفاع مستوي سطح البحر. ووفقا لتقرير البنك الدولي تتعرض المنطقة العربية لارتفاع يتخطي المتوسط المعروف في مستويات سطح البحر بسبب ذوبان القمم الجليدية. وسوف يسبب ارتفاعمقداره نصف متر في نزوح من2 إلي4 ملايين نسمة من ساكني دلتا النيل إلي مناطق أخري نتيجة تهديدات بالغرق للمدن الساحلية وتآكل سواحلها الذي بدأ في الظهور من الآن. أما في مجال الزراعة والمياه فيعتبر ارتفاع درجات الحرارة خبرا سيئا بالنسبة للأشخاص الذين يعملون بالزراعة ويشكلون حوالي32% في مصر. ولعل أهم هذه الآثار ستكون انخفاض نسبة هطول الأمطار بنحو20% مع نهاية القرن. كما سيؤدي ارتفاع درجات الحرارة المتوقع لتفاقم مستوي التصحر ونقص الأراضي الصالحة للزراعة والموارد المائية. ويظل أهم ما يميز الحديث عن المناخ هو تأثيراته الهائلة والمتنوعة علي الصحة البشرية, حيث تقدر منظمة الصحة العالمية وفاة150 ألف شخص حول العالم سنويا, وخاصة في البلدان الفقيرة والمنخفضة الدخل, بسبب الأزمات الناجمة عن تغير المناخ والاحتباس الحراري. وترتبط الصحة والمناخ بعلاقة متداخلة إذ يؤثر المناخ في المتطلبات الأساسية للصحة والهواء النقي ومياه الشرب والغذاء الكافي والمأوي الآمن. وكما يفسر المتخصصون عندما يحدث فقد للمحاصيل الزراعية وسوء التغذية بسبب ارتفاع درجة الحرارة ومستوي البحار بجانب الأحوال الجوية المتطرفة كالفيضانات والتلوث الذي يسهم بدوره في اتساع نطاق حركة الأمراض مثل الإسهال والملاريا وحمي الضنك والامراض التنفسية والحساسية, وهو مادعا التقرير الي الاشارة لعودة مرض البلهارسيا من جديد للانتشار رغم ما أحرزته مصر من جهود لمكافحته خلال السنوات الماضية, سوف يؤدي ارتفاع درجات الحرارة لإتمام دورة حياة البلهارسيا وزيادة مقاومتها.
خطر كبير ونتائج مخيبة
ويبقي التساؤل الاكثر طرحا بعد كل هذا الدراسات والتوقعات, لماذا يظل نتائج مؤتمرات التغيرات المناخية ضجيجا بلا طحين؟ وكما أكدت كريستيانا فيجيرز الأمين العام التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغير المناخي, في حديثها في الجلسة الختامية فأن العالم يملك التمويل والتقنية اللازمين لمواجهة أزمة تغيرات المناخ, الا انه لم يفوتها ان ترهن ذلك بان تظهر الحكومات كافة إرادة سياسية حاسمة. المتابعون من منظمات المجتمع المدني والناشطون في مجال حماية البيئة يرون ان مؤتمر الدوحة تماما كغيره من المؤتمرات الدولية السابقة لم يخل من الوعود الجديدة بمساعدة البلاد النامية دون التزام البلاد الصناعية بتنفيذ وعودها السابقة. وفي النهاية تضطر تلك البلاد إلي قبول إمكانية حدوث ذلك في المؤتمر القادم.

popular

لأول مرة بمستشفيات مصر: تغيير الصمام الميترالي بدون جراحة

العلاج البيولوجي أمل جديد لمرضي الروماتويد

ربـــاب في غيبوبــــة بعد أن دخلت غرفة الولادة

استعرضه المؤتمر السنوى للجمعية الرمدية المصرية: أسلوب مبتكر ضمن توصيات الصحة العالمية لعلاج «التراكوما»