مستقبل الطاقة في مصر
في ظل السباق العالمي لدعم مصادر بديلة للبترول والذي يعد أرخص مصادر الطاقة حتي وقتنا هذا, وتنافس المراكز البحثية علي استحداث تكنولوجيات جديدة ونظم أكثر أمانا لترجيح كفة أحد المصادر البديلة للطاقة.
انقسم العالم بين داعم للطاقة النووية ومؤيد لمصادر الطاقة المتجددة والنظيفة وهو ما يظهر جليا في الخريطتين, فعلي اليمين رصد لوكالة الطاقة الذرية لمشاريع المفاعلات النووية المقرر إنشاؤها بهدف توليد الطاقة الكهربية حتي عام2030 وكما يبدو فإن نصف الكرة الجنوبي أكثر إيمانا وترحيبا بالطاقة النووية ومنهم العديد من الدول العربية والنامية في حين تعتزم بعض دول العالم المتقدم إنشاء المزيد من المفاعلات النووية. أما علي اليسار فقد تم اختيار تصور أحد المراكز البحثية الألمانية لسبل الاستفادة من الشمس والرياح والمصادر الأخري لتكوين شبكة كهربية من مصادر الطاقة المتجددة تربط دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط بالعالم. هذا التصور والمقترح تنفيذه حتي عام2050 يمثل طبقا للخبراء نقلة نوعية مهمة حيث سيسهم في الاستفادة المثلي من الإشعاع الشمسي بالمنطقة العربية. وسعيا لإشراك القارئ في هذا الجدل العلمي والذي يؤثر بدوره علي سياسات الطاقة ومشاريع الاستثمار سواء في الطاقة النووية أو الشمسية نتناول اليوم رؤية عالمين في مجال الطاقة كل منهما يطرح رؤيته للمسار الأمثل الذي يجب أن تحذوه مصر لتوليد الطاقة للأجيال القادمة.
منذ أسابيع, خرجت علينا الحكومة اليابانية بخبر عزمها انتهاج استراتيجية جديدة للطاقة والبيئة ترمي لتخفيض الاعتماد علي الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تدريجيا وصولا بها إلي الصفر بحلول عام.2040 والاعتماد علي الغاز الطبيعي المسال والفحم وكذلك إدخال مصادر الطاقة المتجددة كبدائل أكثر أمانا من الطاقة النووية, وهو ما اعتبره المحللون قرارا غير قابل للتنفيذ نظرا لعدم واقعيته من الناحية التكنولوجية والعملية, وأن الأمر مجرد مناورة سياسية سرعان ما تتخلي عنها الحكومة اليابانية بعد كسب أصوات حزب حماة البيئة في انتخابات العام الحالي. ومع تتابع الأخبار وتوالي التحليلات أن العالم يفكك المحطات النووية ويعطي ظهره لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء من جهة, وبين الخطط العالمية لإنشاء محطات جديدة وإدخالها نطاق الخدمة ومنها دول عربية, يتجدد التساؤل عن هذه التحركات العالمية وهل تلقي بظلالها علي متخذي القرار بخصوص المشروع النووي المصري بالضبعة؟ وكيف يمكننا توفير هذه الاحتياجات المستقبلية من الكهرباء؟.
وكما يوضح خبير الشئون النووية وكبير مفتشين الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا الدكتور إبراهيم العسيري فإنه من المؤكد أن لكل دولة قرارها طبقا لمعطياتها المحلية, وبالنسبة لليابان فلها دوافعها التي تخصها وحدها, فهي لا تعاني من تزايد سكانها وليست في حاجة لزيادة معدلات إنتاج الكهرباء بأراضيها وهو ما لاينطبق علي الدول العربية, فمعدل تزايد السكان في مصر وحدها يزيد عن المليون نسمة سنويا ويرتفع معدل استهلاك الكهرباء بها بحوالي7% سنويا لتغطية احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعلي أقل تقدير فإننا نحتاج سنويا لثلاثة آلاف ميجاوات كهرباء إضافية. وعلي ذلك إذا قررت اليابان التخلي عن الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء فمازال هناك ثلاثون دولة عند قرارها في خطتها الحالية والمستقبلية في تشغيل المفاعلات النووية وإنشاء المزيد منها. وهناك دول مثل فرنسا تسهم الطاقة النووية بها بحوالي80% من إجمالي إنتاج الكهرباء بأراضيها.
ويضيف الدكتور العسيري أنه بالنسبة للدول العربية فإن الإمارات تتقدم بخطوات جدية وبغير تردد في إنشاء4 محطات نووية بها, وهو ما ينطبق أيضا علي المملكة العربية السعودية منذ إعلان عزمها إنشاء16 محطة نووية علي أراضيها بتكلفة تصل الي100 ألف مليون دولار, علي ان يبدأ تشغيل أول محطتين في خلال عشر سنوات ويستكمل تشغيل بقيتها بحلول عام.2030 وبالعودة للوضع المحلي, يشير الدكتور العسيري إلي أن استراتيجية إنتاج الكهرباء وخاصة مع غياب الوفرة من الغاز الطبيعي أو البترول, تستلزم الاعتماد المتزايد علي الطاقة النووية, مدعومة بالتوسع في استخدام الطاقة المتجددة وعلي رأسها طاقة المساقط المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وكذلك تستلزم هذه الاستراتجية الحد التدريجي من الاعتماد علي البترول والغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء وفي تحلية المياه, وهي استراتيجية لن تتم بأيد مرتعشة تتأثر بأحداث محلية أو تنقاد لسياسات دول خارجية. وقد يظهر استيراد الكهرباء من الإمارات أو إسبانيا كما نستورد القمح من الخارج كضرورة إذا لم يتم تنفيذ المشروع النووي في مصر مع الفارق أن القمح يمكن الاحتفاظ به كمخزون استراتيجي لعدة أشهر عكس الكهرباء.
وبلغة الأرقام يحذر الدكتور العسيري بأن كل شهر تأخير في تنفيذ المشروع النووي بالضبعة والمتمثل في إنشاء حتي ثماني محطات نووية, يتسبب في خسارة شهرية أكثر من800 مليون دولار فقط بسبب فرق تكلفة الوقود النووي عن تكلفة الوقود البديل من الغاز أو البترول, مما يعني خسارة تأخير سنوية حوالي10 مليارات دولار وهو ما يعادل تقريبا تكلفة محطتين نوويتين. وطبقا للمشروع النووي المصري فمن المخطط إقامة أربع محطات بموقع الضبعة بإجمالي قدرة كهربية6000ميجاوات كهرباء ويمكن أن تصل إلي حوالي10 آلاف ميجاوات. وتوفر بذلك طاقة كهربية سنوية مقدارها حوالي80 مليار كيلووات ساعة. في حين يري الدكتور العسيري أن الاتجاه القائل بأننا نملك الشمس الساطعة والرياح وهما كافيتان لتوفير هذه الاحتياجات فهو كمن يدفن رأسه في الرمال أو يغمض عينيه عن حقائق كثيرة, فعلميا وفنيا واقتصاديا لا يمكن الاعتماد علي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدهما في توفير احتياجات الطاقة الكهربية المستقبلية, وحتي مع توفير قروض تمويلها. وأولي هذه الحقائق أن الطاقة الشمسية والرياح ليست بالطاقة الكثيفة والمعول عليهما في أي من بلاد العالم. يضاف لذلك أن جميع الدراسات الاقتصادية أثبتت أن تكلفة إنتاج ساعة من الطاقة الشمسية تزيد بأربع مرات عن تكلفة النووية. كذلك فإنه من الناحية الفنية لايمكن الاعتماد علي الطاقة الشمسية لتوفير الحمل الأساسي من الكهرباء التي يلزم توفيرها علي مدار العام, حيث إن الطاقة الكهربية من محطات الطاقة الشمسية تتغير بشكل حاد علي مدار اليوم والشهر وهو ما يتعارض مع الحاجة لتوفير الكهرباء بصفة منتظمة. بالإضافة لذلك, يظهر التأثير الضار لمصانع إنتاج المرايا الشمسية علي صحة الإنسان والبيئة, حيث تشير الدراسات أن هناك خمسين مادة كيميائية مختلفة مسببة للسرطانات ومرتبطة بصناعة المرايا الشمسية ومن أمثلتها الكادميوم والزنك ويستمر ضرر هذه المواد عند تكهين المرايا الشمسية وتخزينها خاصة مع احتمالات تسرب هذه المواد السامة للجو أو الماء أو التربة لتنتقل للخضراوات التي نأكلها. هذه الجوانب السلبية كما يشير الدكتور إبراهيم العسيري تفسر لماذا مساهمة الطاقة الشمسية تبلغ حوالي0.02% في توفير احتياجات الكهرباء علي مستوي العالم مقارنة بمساهمة الطاقة النووية التي تبلغ أكثر من16%
منذ أسابيع, خرجت علينا الحكومة اليابانية بخبر عزمها انتهاج استراتيجية جديدة للطاقة والبيئة ترمي لتخفيض الاعتماد علي الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء تدريجيا وصولا بها إلي الصفر بحلول عام.2040 والاعتماد علي الغاز الطبيعي المسال والفحم وكذلك إدخال مصادر الطاقة المتجددة كبدائل أكثر أمانا من الطاقة النووية, وهو ما اعتبره المحللون قرارا غير قابل للتنفيذ نظرا لعدم واقعيته من الناحية التكنولوجية والعملية, وأن الأمر مجرد مناورة سياسية سرعان ما تتخلي عنها الحكومة اليابانية بعد كسب أصوات حزب حماة البيئة في انتخابات العام الحالي. ومع تتابع الأخبار وتوالي التحليلات أن العالم يفكك المحطات النووية ويعطي ظهره لاستخدام الطاقة النووية في إنتاج الكهرباء من جهة, وبين الخطط العالمية لإنشاء محطات جديدة وإدخالها نطاق الخدمة ومنها دول عربية, يتجدد التساؤل عن هذه التحركات العالمية وهل تلقي بظلالها علي متخذي القرار بخصوص المشروع النووي المصري بالضبعة؟ وكيف يمكننا توفير هذه الاحتياجات المستقبلية من الكهرباء؟.
وكما يوضح خبير الشئون النووية وكبير مفتشين الوكالة الدولية للطاقة الذرية سابقا الدكتور إبراهيم العسيري فإنه من المؤكد أن لكل دولة قرارها طبقا لمعطياتها المحلية, وبالنسبة لليابان فلها دوافعها التي تخصها وحدها, فهي لا تعاني من تزايد سكانها وليست في حاجة لزيادة معدلات إنتاج الكهرباء بأراضيها وهو ما لاينطبق علي الدول العربية, فمعدل تزايد السكان في مصر وحدها يزيد عن المليون نسمة سنويا ويرتفع معدل استهلاك الكهرباء بها بحوالي7% سنويا لتغطية احتياجات التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وعلي أقل تقدير فإننا نحتاج سنويا لثلاثة آلاف ميجاوات كهرباء إضافية. وعلي ذلك إذا قررت اليابان التخلي عن الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء فمازال هناك ثلاثون دولة عند قرارها في خطتها الحالية والمستقبلية في تشغيل المفاعلات النووية وإنشاء المزيد منها. وهناك دول مثل فرنسا تسهم الطاقة النووية بها بحوالي80% من إجمالي إنتاج الكهرباء بأراضيها.
ويضيف الدكتور العسيري أنه بالنسبة للدول العربية فإن الإمارات تتقدم بخطوات جدية وبغير تردد في إنشاء4 محطات نووية بها, وهو ما ينطبق أيضا علي المملكة العربية السعودية منذ إعلان عزمها إنشاء16 محطة نووية علي أراضيها بتكلفة تصل الي100 ألف مليون دولار, علي ان يبدأ تشغيل أول محطتين في خلال عشر سنوات ويستكمل تشغيل بقيتها بحلول عام.2030 وبالعودة للوضع المحلي, يشير الدكتور العسيري إلي أن استراتيجية إنتاج الكهرباء وخاصة مع غياب الوفرة من الغاز الطبيعي أو البترول, تستلزم الاعتماد المتزايد علي الطاقة النووية, مدعومة بالتوسع في استخدام الطاقة المتجددة وعلي رأسها طاقة المساقط المائية والطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وكذلك تستلزم هذه الاستراتجية الحد التدريجي من الاعتماد علي البترول والغاز الطبيعي في إنتاج الكهرباء وفي تحلية المياه, وهي استراتيجية لن تتم بأيد مرتعشة تتأثر بأحداث محلية أو تنقاد لسياسات دول خارجية. وقد يظهر استيراد الكهرباء من الإمارات أو إسبانيا كما نستورد القمح من الخارج كضرورة إذا لم يتم تنفيذ المشروع النووي في مصر مع الفارق أن القمح يمكن الاحتفاظ به كمخزون استراتيجي لعدة أشهر عكس الكهرباء.
وبلغة الأرقام يحذر الدكتور العسيري بأن كل شهر تأخير في تنفيذ المشروع النووي بالضبعة والمتمثل في إنشاء حتي ثماني محطات نووية, يتسبب في خسارة شهرية أكثر من800 مليون دولار فقط بسبب فرق تكلفة الوقود النووي عن تكلفة الوقود البديل من الغاز أو البترول, مما يعني خسارة تأخير سنوية حوالي10 مليارات دولار وهو ما يعادل تقريبا تكلفة محطتين نوويتين. وطبقا للمشروع النووي المصري فمن المخطط إقامة أربع محطات بموقع الضبعة بإجمالي قدرة كهربية6000ميجاوات كهرباء ويمكن أن تصل إلي حوالي10 آلاف ميجاوات. وتوفر بذلك طاقة كهربية سنوية مقدارها حوالي80 مليار كيلووات ساعة. في حين يري الدكتور العسيري أن الاتجاه القائل بأننا نملك الشمس الساطعة والرياح وهما كافيتان لتوفير هذه الاحتياجات فهو كمن يدفن رأسه في الرمال أو يغمض عينيه عن حقائق كثيرة, فعلميا وفنيا واقتصاديا لا يمكن الاعتماد علي الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وحدهما في توفير احتياجات الطاقة الكهربية المستقبلية, وحتي مع توفير قروض تمويلها. وأولي هذه الحقائق أن الطاقة الشمسية والرياح ليست بالطاقة الكثيفة والمعول عليهما في أي من بلاد العالم. يضاف لذلك أن جميع الدراسات الاقتصادية أثبتت أن تكلفة إنتاج ساعة من الطاقة الشمسية تزيد بأربع مرات عن تكلفة النووية. كذلك فإنه من الناحية الفنية لايمكن الاعتماد علي الطاقة الشمسية لتوفير الحمل الأساسي من الكهرباء التي يلزم توفيرها علي مدار العام, حيث إن الطاقة الكهربية من محطات الطاقة الشمسية تتغير بشكل حاد علي مدار اليوم والشهر وهو ما يتعارض مع الحاجة لتوفير الكهرباء بصفة منتظمة. بالإضافة لذلك, يظهر التأثير الضار لمصانع إنتاج المرايا الشمسية علي صحة الإنسان والبيئة, حيث تشير الدراسات أن هناك خمسين مادة كيميائية مختلفة مسببة للسرطانات ومرتبطة بصناعة المرايا الشمسية ومن أمثلتها الكادميوم والزنك ويستمر ضرر هذه المواد عند تكهين المرايا الشمسية وتخزينها خاصة مع احتمالات تسرب هذه المواد السامة للجو أو الماء أو التربة لتنتقل للخضراوات التي نأكلها. هذه الجوانب السلبية كما يشير الدكتور إبراهيم العسيري تفسر لماذا مساهمة الطاقة الشمسية تبلغ حوالي0.02% في توفير احتياجات الكهرباء علي مستوي العالم مقارنة بمساهمة الطاقة النووية التي تبلغ أكثر من16%
http://www.ahram.org.eg/Science-Technology/News/179515.aspx