بخبرة مصرية‏:‏ نضوج زراعة الكبد



علي الرغم من كل المجهودات التي تبذل في مجال زراعة الكبد في مصر والذي بدأ منذ أكثر من عشر سنوات تضمنت أكثر من‏1600‏ حالة‏,أرتفع خلالها معدل الحياة بعد العملية من الثلث قبل20 سنة إلي80% و90% حاليا.
 
إلاإنها لم تغير كثيرا من رؤيتنا لمستقبل زراعة الكبد في مصر إذ الأمر أصبح لايرتبط بالنجاح والفشل وإنما بمدي توافر الإمكانات من عدمها.
وكما يوضح الدكتور عادل حسني رئيس وحدة زراعة الكبد بمستشفي المنيل الجامعي ورئيس الفريق الطبي تم إجراء105 جراحات زرع كبد منذ أن بدأت الوحدة عملها الفعلي عام2004, وتوالت العمليات إلي أن تم الاستغناء الكامل عن المشاركة الأجنبية وتولي الفريق المصري بمفرده إجراء أكثر من61 حالة علي مدي الأربعة أعوام الاخيرة بنسب نجاح وصلت إلي أكثر من80% وهو مايتناسب مع النسب العالمية.
وراء هذا النجاح جهود تعود للعام2000 حينما بدأت الفكرة لإنشاء صرح طبي جديد يختص بزراعة الكبد بقصر العيني ليكون أمتدادا لدور قصر الغلابة في علاج الكثير من المرضي غير القادرين وبالأخص مرضي فيروس سي, وماصاحب ذلك من خطوات وتجهيزات لغرف العمليات والعناية المركزة وأماكن اقامة المرضي لايجاد برنامج ناجح ومتكامل لزراعة الكبد من متبرعين أحياء, وهو مالاقي دعما متواصلا من جانب إدارات الجامعة وكلية الطب المتعاقبة بداية من الدكتورة مديحة خطاب عميدة قصر العيني أنذاك لمساندة هذا المشروع ليضاف لرصيد أعرق جامعة مصرية. وهو الجهد الذي أشاد به المرضي أنفسهم من خلال تجاربهم مع المرض وما قدمه أعضاء الفريق الطبي من مساندة معنوية ومادية نظرا لطبيعة المركز كونه حكوميا وجامعيا يهدف إلي إجراءالعملية بنجاح للمريض وفق الأساليب العلمية والاخلاقية.
ويعد الحكم علي نجاح العملية مرهونا بممارسة المتبرع لحياته بدون أي تاثير وكذلك إعادة المريض المتلقي للحياة من جديد بصورة أكثر صحة بعد خضوعه للزراعة, طالما تمت مراعاة عوامل الخطورة المصاحبة والتعرف عليها والتعامل معها بكفاءة طبية, وأهمها الأختيار الصحيح للمتبرع بحسب قول الدكتور عادل عن الشروط الواجب توافرها لدي المتبرع مؤكدا إن استئصال جزء من الكبد لن يؤثر علي صحته أوعلي وظيفة الكبد لأنه يبدأ بالنمو من جديد معوضا الجزء المفقود خلال الأسابيع الأولي من عملية الاستئصال وبعدها يرجع الكبد إلي وضعه الطبيعي تقريبا.
ويشترط ألا يقل عمر المتبرع عن21 سنة ولايزيد علي45 سنة, ويسمح فقط لأقارب الدرجة الأولي كالأبناء بعمر19 عاما, ويخضع لعدة فحوصات وتحليلات طبية دقيقة قبل العملية لتحديد الوضع الصحي وملاءمته لإجراء العملية وضمان إن الجزء الذي سيتم التبرع به لن يؤثر علي صحته فيمابعد حيث يجري قياس وزن وكثافة الكبد كذلك بيان شكل القنوات المرارية عند إعادة توصيلها للمتلقي وشكل الاوردة والشرايين لتوضيح مكان القطع المناسب وهو إجراء شديد الصعوبة في العملية ويتطلب من الطبيب توخي أقصي درجات الحذر للمحافظة علي سلامة الأوعية الدموية والمرارية الموجودة في الكبد. كما يتم اختبار عينة من الخلايا الكبدية للتأكد من سلامتها وخلوها من الفيروسات أو البلهارسيا أو أي أمراض مناعية أخري. وكأي عملية جراحية أخري يتم التأكد من سلامة الأعضاء الحيوية كالقلب والرئة, وعادة مايعود المتبرع طبيعيا لحياته بعد10 ـ14 يوما. أما المريض فيقيم في المستشفي لفترة تمتد3 أسابيع لمتابعة حالته الصحية بشكل مكثف وبعد عودته للمنزل تتم المتابعة دوريا في فترات محددة.
هذه النجاحات المستمرة بالمركز لاقت ثقة المرضي واستحسانهم وهو مايجعلنا نصطدم بالعديد من المعوقات علي أرض الواقع فأصبح هناك طابور من المحتاجين لإجراء عمليات الزرع يمتد لعام, وهو رقم يفوق إمكانات المركز الحالية نظرا لإرتفاع تكلفة عملية الزرع والتي تقارب230 ألف جنيه للبالغين و190 ألفا للأطفال شاملة تكاليف الفحوصات والعلاج قبل وبعد العملية وكذلك الإقامة للمريض والمتبرع, وعلي الرغم من ذلك فهي تكلفة أقل من إجرائها خارج المركز لعدم الحصول علي هامش ربح كما في المراكز الخاصة التي تتجاوز التكلفة فيها الضعف, وتتم جميع العمليات داخل المركز دون تحمل المريض أي مبالغ حيث يتم الحصول علي ثلث المبلغ من التأمين وتتم تغطية بقية المبلغ عن طريق التبرعات ومشاركة أهل الخير وللأسف شهدت الأيام الحالية تناقصا في قيمة التبرعات نظرا للظروف الأقتصادية الغير مستقرة عقب الثورة. وحاليا الوحدة مستمرة في إجراء عمليتين شهريا علي أقصي تقدير وإن كان فريق الوحدة يطمح في إجراء حالة أوأثنتين كل أسبوع لمواجهة الكم الهائل من المرضي الذين يتخطي دورهن في قائمة الإنتظار والذين يتم تحضيرهم للزراعة.
ومن أجل ذلك تم إنشاء جمعية قصر العيني لرعاية مرضي زراعة الكبد المشهرة تحت رقم6273 لتساهم مع المريض في نفقات الزراعة وما بعدها حيث يحتاج المريض إلي ما يقرب من ثلاثة آلاف جنيه ويزيد شهريا من أجل متابعة برنامجه العلاجي بالتحاليل والإشعات الدورية وعلاجات مثبطات المناعة, وهو ما جعل الدكتور عادل حسني بصفته رئيس الوحدة يناشد القادرين ورجال الأعمال بضخ مزيد من التبرعات المستمرة من خلال رقم حساب1/28163/.143
وبحسب الدكتور مصطفي الشاذلي مدير وحدة زراعة الكبد بقصر العيني نلجأ إلي الزراعة كحل علاجي لفشل الكبد عن أداء وظائفه وعدم تحسن الحالة مع وسائل العلاج الأخري, ويعتبر تليف الكبد أحد الأسباب الشائعة لإجراء زراعة كبد جديد للبالغين وبنحو10 إلي15% من المصريين مصابون بالإلتهاب الكبدي الوبائي سي, وترتفع النسبة بينهم إلي3% في حاجة لزراعة كبد آخر, كما أن وجود سرطان في الكبد يعتبر أحد الدواعي اللازمة للزراعة في حين يعتبر إنسداد الأوعية المرارية في الكبد والعيوب الخلقية أهم أسباب احتياج الأطفال لكبد جديد والتي بلغ عددها18 حالة تمت بنجاح بإيدي الفريق المصري بالوحدة. وتعد عملية زراعة الكبد إحدي العمليات الكبيرة وفق التصنيف الجراحي لأنواع العمليات ويعتبر هذا الإنجاز الطبي ليس فقط بعدد الحالات التي تم عمل الزراعة لها ولكن يكمن الإنجاز بنجاح واستقرار الحالات بعد العملية ووفقا للدكتور مصطفي جميع الحالات التي تمت في وحدة زراعة الكبد بالمنيل والبالغ عددها105 علي قيد الحياة وتتمتع بصحة جيدة ولم تسجل حالة وفاة واحدة بين المتبرعين.
ويضم فريق العمل المتكامل بالوحدة ما يقرب الثلاثين طبيبا من مختلف الأجيال والتخصصات, بالإضافة إلي فريق عالي الجودة من التمريض والإداريين. وكما يري مدير الفريق حملت تجربة الوحدة دروسا مستفادة منذ الحالة الأولي حتي المائة أهمها تحقيق معدلات نجاح تتماشي مع النسب العالمية والاعتماد الكلي علي الخبرة المصرية وتصديرها لصف ثان وثالث من الأطباء القادرين علي اتمام هذه العمليات بكفاءة, مشيرا إلي صعوبة نقل كبد بين الأحياء مقارنة بنقله من متوفي حديث, حيث الحفاظ علي المتبرع سليما كما كان قبل التبرع بجانب معالجة المريض المتلقي.
من جانبه تحدث الدكتور أيمن يسري أستاذ الجهاز الهضمي والكبد بطب القاهرة عن العواقب التي تواجه بعض المرضي بعد الزراعة كمهاجمة بقايا فيروسات سي للجزء الجديد باعتباره السبب الأساسي في90% من الحالات التي تمت زراعتها, لأنه أثناء العملية يتم أستئصال الكبد المصاب ولكن لايعالج إلتهاب الكبد وقد يظل الفيروس في الدم أوالغدد الليمفاوية أوالطحال أوغيرها من الأجهزة المحيطة. ولكن المطمئن في الأمر وفقا للدراسات إن ربع الحالات فقط تعاني من مشكلات فيروس سي مابعد الزرع, وهو مايتضح من بضعة عوامل كأن يستخدم أنواع قوية من مثبطات المناعة وأدوية منع الرفض ومن شأنها المساعدة علي زيادة نشاط الفيروس, كذلك الإصابة بفيروس السيتوميجلو والذي ينشط عند تراجع الحالة المناعية للجسم, وعليه فإن المتابعة السليمة والتشخيص المبكرللحالة دون إنتظار ظهور المضاعفات كإرتفاع الإنزيمات يحمي حوالي90% من الحالات ويضمن أستمرار نجاح الكبد المزروع في أداء وظائفه بدون تأذ, ونعتمد في ذلك علي بروتوكول علاجي يقتضي أخذ عينة كبدية كل عام للتأكد من الحالة. ويشير إلي نقطة أخري وهي أقتصار فعالية علاج الإنترفيرون والريبافيرين علي35% فقط في حالات مكافحة فيروس سي مابعد الزرع مقارنة بـ60% لمن لم يخضعوا للزراعة, ولكن ما تحققه صناعة العقاقير من تطور يبشر بأكثر من علاج واعد وجميعها تعطي نجاحات عالية وأكثر فعالية ضد كل سلالات الفيروس بما فيها النوع الرابع المنتشر في مصر وهو مايعتبره الأطباء إعلانا بوفاة الإنترفيرون, وعلي الرغم من كون هذه العلاجات في طور التجريب فإنها تؤخذ بالفم بدون الحاجة لأخذ الإنترفيرون معها, ولمدد تترواح من3 إلي ستة شهور متفوقة بذلك علي العلاجات القديمة التي تمتد لأكثر من سنة.


http://www.ahram.org.eg/Investigations/News/158946.aspx

تعليقات

popular

لأول مرة بمستشفيات مصر: تغيير الصمام الميترالي بدون جراحة

العلاج البيولوجي أمل جديد لمرضي الروماتويد

ربـــاب في غيبوبــــة بعد أن دخلت غرفة الولادة

استعرضه المؤتمر السنوى للجمعية الرمدية المصرية: أسلوب مبتكر ضمن توصيات الصحة العالمية لعلاج «التراكوما»