بعد ادراجه في جدول المخدرات الترامادول‏..‏ الأسطورة والوهم‏!‏

لايزال الترامادول يسبب قلقا متزايدا علي الساحة بالرغم من كونه بالأساس علاجا لحالات الألم الشديد كبعد الجراحات والسرطان وكسور العظام والتي لاتستجيب للمسكنات المعتادة‏,‏ إلاان ذكره مؤخرا أصبح لصيقا بمشاكل أكثر منها فائدة وأبرزها الواقعة الشهيرة لاحتجاز مائة من المعتمرين المصريين بالسعودية بسبب حوزتهم للعقار والتي تترواح عقوبته هناك من السجن خمسة شهور وصولا إلي حد القتل. وتارة اخري نسمع عن جهود الشرطة في ضبط ملايين الأطنان المهربة وهو الخبر الذي يكاد لايمر أسبوع دونه وأخيرا قرار وزارة الصحة بتجريم تداوله ومعاملته كالمورفين؟.. وبحسب قول الدكتور محيي المصري مدير مركز السموم بجامعة عين شمس نحن أمام مسألة لاتتعلق بفئة المدمنين قدر ماتتعلق بهذا العقار فالترامادول من الأدوية التي تسبب التعود ويحتاج المريض الي زيادة الجرعة بشكل مستمر للحصول علي التأثير المطلوب وإذا ابتعد عن تناوله أصيب بدرجة عالية من الأكتئاب كأنه سيموت, وهنا مكمن الخطورة فالكثير وقعوا في فخ ادمانه بدون قصد سعيا لمزاج أفضل وسعادة منشودة وهو ما سهل انتشاره بين معظم الفئات الاجتماعية ومختلف الأعمار فالبعض يستخدمه من أجل الجنس والبعض الآخر من أجل تحمل المجهود الشاق وساعات العمل الطويلة وأخيرا كعلاج خاطئ للصداع أوكمسكن للآلام أوالمغص. ومن الناحية العلمية يستمد الترامادول مفعوله من تأثيره علي مستقبلات المورفين بالمخ وإفراز مادة السيروتونين( هرمون السعادة) من المخ ومن ثم التسبب في إحداث حالة السعادة, كما يروج كعلاج لبعض المشاكل الصحية يستحي الكثيرين ذكرها للطبيب حيث يساعد علي اطالة مدة القذف وبالتالي تحسن الأداء اثناء الممارسة الجنسية وهو الأمر الذي اكتشفه المصريون قبل أن تثبته الأبحاث العلمية فالترامادول كعقار لا يستخدم في الأساس لعلاج مشاكل سرعة القذف وتأخيره ماهو إلا أحد أعراضه الجانبية حيث يقلل من ردة فعل الأعصاب. ووفقا لكلام مدير مركز السموم بدأنا منذ عام2007 تسجيل تزايد ملحوظ دارجة لحالات تناول الترامادول وسط انتشار ثقافة خاصة بالمدمنين كما لو كانوا يحملون موسوعة علمية وهي في الحقيقة تجارب مبنية علي ذاتهم فينتشر في اوساطهم خلطات للترامادول مع كثير من المهدئات والمنومات للتغلب علي آثاره الجانبية كالرعشة والتوتر والقلق وارتجاف العضلات وسرعة ضربات القلب, وتبقي الخلطة الاكثر رواجا وسحرا دمجه بالفياجرا للحصول علي تأثير مكمل لبعضهما البعض بهدف تحسين الأداء الجنسي وهو مايلاقي انتشارا في الأماكن الشعبية وعادة ما تكون ايضا نصيحة من اصحاب الصيدليات عديمي الضمير والباحثين عن الربح السريع, بينما ينتشر بين أوساط المنحرفين وقائمة البلطجية مايعرف ببرشام الفراولة نظرا للونه الأحمر وهو أحدي فصائل الترامادول وبالنسبة لمدمني الهيرويين والأفيونات تعتبر أقراصه ملجأهم للحصول علي نفس التأثير عند ضيق ذات اليد من سعر الهيروين المرتفع, وباختلاف عن باقي الافيونات لا يتم الكشف عن الترامادول إلا من خلال تحليل خاص بمراكز السموم وهوما يستغله البعض للهروب من الفحوصات عند التقدم للوظائف أوبالنسبة للسائقين. وفي مفاجاة غير متوقعة للكثيرمن مستخدميه سعيا وراء أداء افضل مع الزوجات يوضح الدكتور عمر عزام أستاذ الأمراض الجلدية والتناسلية أن الحلم قد يتحول إلي كابوس مع التعود علي تناول جرعات الترامادول بغرض إطالة فترة الجماع وتاخير القذف حيث يؤدي لرد فعل ارتدادي علي المدي القريب بمعني ان الشخص يتناوله مرتين أوثلاثة فيلاحظ تحسنا واضحا وسريعا ولكنه عند توقف استخدامه تعود الحالة أسوأ مما كانت عليه وهو ما يدفعه الي زيادة الجرعة للتغلب علي هذه المشكلة, وعلي المدي البعيد يدمر الترامادول مراكز رد الفعل بالمخ وهو مايعني القضاء علي الفحولة والقدرة الجنسية نهائيا نظرا لأن تأثيره علي الجهاز العصبي وليس العضوي, وهذه النتائج العكسية غالبا مايصعب علاجها حتي بعد الشفاء من الادمان و50% من هذه الحالات لاتستطيع ممارسة حياتهم الطبيعية كما كانت مع أزواجهم. موضحا اقتصار التداوي بالترامادول علي حالات محددة هي السرطان والحزام الناري وفي بعض الأحيان مرضي الكسور وغالبا مايكون مرضي هذه الحالات تحت اشراف طبي في المستشفيات. ويؤكد الدكتور عزام أنه من واقع الممارسة العملية يطلب البعض كتابة هذا العقار كحل لمشاكلهم وللأسف بينهم شباب واشخاص علي قدر من العلم ولهؤلاء ننصح المقبلين علي الزواج بضرورة عمل الفحوصات لكشف أي مشاكل طبية خاصة بالخصوبة أوالفحولة, أما عند الشكوي من الخلل في العلاقة الزوجية فهناك أدوية كثيرة للعلاج لاتسبب الادمان واكثر امانا من الترامادول وان كانت ابطأ في المفعول, كما إن هناك اساليب تدريبية في الممارسة تحقق فوائد بدون اللجوء حتي للأدوية وفقا للحالة واشراف الطبيب المعالج. وهو مايتفق معه الدكتور محيي المصري معتبرا الإقدام علي تناول هذا العقار هو بمثابة الدخول إلي الدوامة فمتعاطيو لايستطيعون الثبات عند حد معين وإنما ينزلقون للمزيد فغالبا ما يضطروا لزيادة الجرعات للحصول علي تنبيه أفضل فمنهم من لا يستطيع بدء يومه إلا بعد تناول عدة أقراص ومنهم من يشعر بالألام وقئ وإسهال وهي الأعراض الانسحابية التي ترغمهم علي تناول جرعات أكبر وأكبر. ويأتي فرط الجرعة بمضاعفات قاتلة بداية من الغيبوبة والتشنجات التي قد تتسبب في خلع للكتف وحاليا تتزايد الإتهامات الموجهه له كسبب في حالات الصرع المسجلة بين الشباب في أعمار مبكرة لم تتخط الثلاثينات, يضاف لذلك إحداثه صدمة قلبية مصاحبة بارتفاع ضغط الدم وفشل تنفسي مؤديا إلي الوفاة, ووفقا للاحصائيات تترواح نسب الوفاة من الجرعة الزائدة من5 إلي6 في الألف وينتج معظمها من تأخر المريض في الوصول للخدمة العلاجية المناسبة. وبحسب اللواء يوسف وصال مستشار صندوق مكافحة وعلاج الادمان بمجلس الوزراء شكل عقار الترامادول علي مدار سنوات قليلة ظاهرة تستوجب التصدي الحاسم من النواحي التشريعية والأمنية والأجتماعية وذلك بعد ان تفشي بين اوساط الشباب بمختلف المستويات وصولا لرأس قائمة المواد المخدرة المتداولة في مصر بنسبة38 في المائة بحسب مااورده صندوق مكافحة وعلاج الادمان ضمن تحليل بيانات الخط الساخن لعلاج الادمان16023 ويليه تعاطي اصناف مختلفة من المخدرات بنسبة35% والحشيش بنسبة9% واخيرا الهيروين بنسبة8%. وهو ما يعتبر مؤشرا علي تفاعل المجتمع مع قضية المخدرات واهم نقاط الخلل دور الأسرة الذي شهد انحسارا ملحوظا سواء في الوقاية من الوقوع في براثن التعاطي اوالاكتشاف المبكر حيث يعيش اكثر من نصف اعداد المدمنين مع أسرهم وهو ماياتي مخالفا للتوقعات كتفكك الاسرة اوانفصال الوالدين وبما يفسر اقتصار دور الآباء في كثير من الحالات علي الوجود الجسدي وتوفير المادة علي حساب الدور التربوي. يؤكد أن مواجهة محاولات التهريب هي الهم الأكبر بعد قرار وزارة الصحة للقضاء علي أسطورة الترامادول فطبقا لأحد التقارير الصادرة عن المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية حيث تم تهريب25 مليون قرص ترامادول الي مصر خلال عام2008 فقط وما يضبط لايمثل إلا15% من إجمالي ما تم تهريبه إلي الشباب, ووفقا للتقرير تشكل الحدود الغربية مع ليبيا اهم الثغرات لاغراق السوق المصري بالمخدرات فيعبر خلالها80% من العقاقير المخدرة سواء عبر منفذ السلوم أوعبر الدروب البرية المجهولة عن طريق مهربين محترفين ويقوم التجار بشرائها من ليبيا التي لا يحظر القانون تداولها في الأسواق, كما ان هناك تجار يستوردونها من الهند والصين خصيصا ويقومون بتهريبها إلي مصر لتصل إلي جميع المحافظات, والنسبة الباقية تدخل موزعة علي المنافذ الأخري مثل ميناء القاهرة الجوي وميناء الإسكندرية البحري وبورسعيد البحري قادمة من ليبيا والهند والصين أيضا.

تعليقات

popular

لأول مرة بمستشفيات مصر: تغيير الصمام الميترالي بدون جراحة

العلاج البيولوجي أمل جديد لمرضي الروماتويد

ربـــاب في غيبوبــــة بعد أن دخلت غرفة الولادة

استعرضه المؤتمر السنوى للجمعية الرمدية المصرية: أسلوب مبتكر ضمن توصيات الصحة العالمية لعلاج «التراكوما»